الأحد، 23 يونيو 2019

المغرب و صفقة القرن - حوار مع د.صبري الحو

المغرب و صفقة القرن - حوار مع د.صبري الحو
حاورته : سمية واعزيز 

أولاً:  باختصار،  ما هي صفقة القرن وما أبرز ملامحها وخلفياتها ؟ 
وفقا للتسريبات التي حصلت حتى الآن والتي لم يتم نفيها فان صفقة القرن تختزل في فرض الولايات المتحدة الأمريكية توقيع ثلاثي بين اسرائيل ومنظمة التحرير وحماس من أجل ؛ اقامة دولة فلسطينية يطلق عليها "فلسطين الجديدة" على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، دون المستوطنات القائمة والمعزولة التي تبقى بيد اسرائيل ، والقدس لن يتم تقسيمها  تقسيمها بل ستكون مشتركة بين إسرائيل وفلسطين الجديد.

وسيتم رصد مادي يبلغ ثلاثون مليارا وعلى على مدى خمس سنوات لتكويل  مشاريع تخص فلسطين الجديدة تحت رعاية واعانات دول النفط الخليجية بنسبة 70% والاتحاد الأوروبي 19% وأمريكا 10%، ويتعرض الفلسطينيين لعقوبات في حالة رفضه، وهو بذلك بمثابة اتفاق على شكل عقد اذعان. 

واعتقد أن الخلفية الأولى التي تحكم هذه الصفقة هي نسخ واعدام اتفاق اوسلو والالتفاف عليه ، والتنصل من  التزامات مراحله الأخيرة الجوهرية والأساسية، منها القدس واللاجئيين التي كانت مؤجلة الى بعد الاتفاق النهائي، في استرجاع اراضي المحتلة الى حدود 1967  ،واعلان دولة فلسطين ك، أي أن صفقة القرن هي تراجع عن حل دولة فلسطين كاملة الاستقلال الى مجرد دويلة تحت حماية اسرائيل .

و يبدو من ملامح الصفقة أنها لصالح اسرائيل ، و الأمر محسوم على اعتبار ان العلاقات الامريكية الاسرائلية جد قوية و استراتيجية ، و عليه فالصفقة ستكون حتما لصالح الكيان العبري ، على انقاض حق الشعب الفلسطيني الاعزل في اقامة دولته بحدود 1967 على اقل تقدير . وستكون بذلك بمثابة نكبة جديدة للعالم العربي والاسلامي عموما و للفلسطنيين تحديدا .

ثانيا: يعد زيارة صهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنير، اتخذ المغرب موقعا في المنطقة الرمادية بين قبول دعوة واشنطن إلى المشاركة في لقاء البحرين المتعلق بالشق الاقتصادي لصفقة القرن، وبين الامتناع عن ذلك، أي قراءة تقدمونها في وضع المملكة الحالي ؟

يتخذ المغرب على الدوام مواقف وقرارات حاسمة  لصالح فلسطين، فهو متضامن ،  وداعم  ومساند، ومدافع،  ومؤازر . و بناء عليه وعلى هذه الالتزامات والصفات؛، فالمغرب صرح رسميا انه غير مطلع ولم يحط علما بتفاصيل وخريطة الصفقة، رغم توالي زيارات مسؤولين امريكيين، آخرهم جاريد كوشنير صهر  ومستشار الرئيس الترامب ومهندس الصفقة للمغرب. 
والمغرب يدقق في عدم ربط الحضور بالمباركة و بحساب الربح و الخسارة؟ 
بل المغرب يعبر ان الحقيقة ..و هي القلق من المسارات التي تسعى ورشة البحرين لجر المنطقة و القضية اليها  و هي انه مهما كان حجم الاستثمارات فان القضية الفلسطينينة و قضية القدس قضية مركزية لا يمكن المساومة عليها  و ان مداخل الحل سياسية على اساس الحل العادل و الشامل و انه لا بديل عن الشرعية، و لا شيء يمر خارج الشرعيتين الفلسطينية و الاممية  و خارج القرارات العربية . 
فالمغرب وجد نفسه في موقف لا حرج ولا يحسد عليه فالفلسطينيين عبروا عن للصفقة. وهو جزء من خلفيات الصفقة في خلق انقسام عربي، وبالمقابل فان صفة المغرب  الدفاعية عن فلسطين والتمثيلية للجنة القدس تتعارض من حيث المبدأ في اختيار عدم المشاركة في مؤتمر الدوحة ، من منظور واجب الاطلاع أولا، ومن معطى اقتصادي ثانيا ، وايمانه أن التنمية تدعم استتباب الاستقرار ثالثا ولأنه معني رابعا . لكنه أكيد لن يتماهي مع الصفقة سياسيا ، لأن موقف المغرب محسوم في القضية منذ زمن طويل لصالح الأرض مقابل السلام، وهو موقف ليس محل مساومات ولا ضغوط لتغييره .

ثالثا: ماذا يمكن أن يربح المغرب من حضوره في لقاء البحرين المتعلق بالشق الاقتصادي لصفقة القرن، وماذا عن الخسائر ؟ 

إن المغرب لا يناقش حضوره بمنطق الربح و الخسارة، ومواقفه سيادية ولا يجعل محلا للمقايضة. بالأحرى ؛ يهمه التعبير عن حسن النية ازاء كل الاطراف بما قد يوطد عرى السلم كغاية يتحد ويتقاطع فيها الجميع . ومع ذلك فالمغرب لا ينساق  لقبول أي تهور أو رعونة قد يسيء للحقوق  التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني. فالمغرب ليس صلبا متحجرا ، وبكما صما لعدم الاطلاع وعدم الانصات وعدم الانفتاح وعدم الحوار ، و من مؤكد ان المغرب سيكون ، دائما الى جانب الفلسطينيين ، ومع الحوار لانتاج حل ينتهي بالسلام  ولا يتراجع عن كافة حقوق الشعب الفلسطيني. ومن الخطأ والظلم مجرد الشعور او الاحساس أن المغرب يقايض قبول الصفقة لقاء هدف أو مصلحة وطنية ولو كانت فضلى وعليا ومقدسة ، وهو سر شكر اصحاب الأرض و القضية لجلالة الملك . وسيكون من الأفضل للمغرب تخفيض حضوره في الورشة الى اذنى مستوى لأن مآل المبادرة الى الفشل.
د.صبري الحو : محامي وخبير في القانون الدولي، ونزاع الصحراء.

ليست هناك تعليقات: