السبت، 29 يونيو 2019

في قضية الشمري وكل شمري؟! - د. رياض عبدالكريم عواد

في قضية الشمري و كل شمري؟!
د. رياض عبدالكريم عواد

في صباح يوم زيارة المرحوم الرئيس انور السادات للقدس، ناداني معيد مادة التشرح وقال لي: اليهود طيبين وراقيين؟! كيف وصل هذا الأستاذ إلى هذه النتيجة فجأة؟! وجهة نظر هذا المتعلم المصري لم تسود ولم تنتشر، وبقي الشعب المصري العظيم ومصر أوفياء لفلسطين والقضية الفلسطينية، يرفضون التطبيع ويدعمون قضية شعبنا.


أسوق هذه القصة في حمى الرد على ما تقيء به فهد الشمري، الذي لا أعرفه ولم أستمع لما قال، رغم أن الفديو منتشر وقد وصلني عشرات المرات.

ليس غريبا ما تفوه به هذا الشخص من بذاءات وموبيقات، رغم انه مستنكر، وليس هذا الشمري هو الوحيد، بل هناك الكثير من أمثال هؤلاء، علينا أن نعذر جهل وعدم معرفة بعضهم، هذا من ناحية، ونفهم هدف استخدام والزج باخرين للقيام بهذه المهمة القذرة.

علينا أن نجد العذر للكثيرين، لانهم يتعرضون إلى دعاية إعلامية واسعة ومنتشرة، تقف خلفها وسائل إعلام ومراكز أبحاث ومكاتب صنع القرار، تهدف هذه الدعاية شيطنة الفلسطيني واظهار كل صفاته السيئة، وتعميم أي تجربة سيئة لهذا الفلسطيني أو ذاك على جميع الشعب الفلسطيني.

أن هدف هذه الحملة واضح وجلي وهو تكفير الشعوب العربية بالقضية الفلسطينية عن طريق تكفيرهم وبث كراهية الشعب والقيادة والمؤسسة الفلسطينية في نفوس الشعوب العربية.

طبعا تاريخيا، نجح الإعلام هنا وهناك في صيد أفراد أو جماعات أو حتى مسؤولين للقيام بهذه المهمة القذرة، لكن المؤكد أنه لم ينجح ولن ينجح في نزع حب فلسطين والشعب الفلسطيني من عقل وقلب الشعوب العربية مهما فعل هذا الاعلام وحاول، ستبقى فلسطين، لأسباب كثيرة جدا، هي جوهر الاهتمام الشعبي العربي، والمقياس الذي تستخدمه الشعوب العربية لتقييم حكوماتها.

مهمتنا كشعب فلسطيني أن نتصدى لهذه الحملة وللقائمين عليها لكن دون أن نقع في المحاذير التالية:
1. الهجوم على الشعوب العربية والإساءة إلى عاداتها وتقاليدها وقيمها، وتعييرها بواقعها وتاريخها.

يجب التركيز في نقاشنا ودفاعنا عن قضيتنا، من أجل إيصال رسالتنا، على ما يلي:

*تذكير الشعوب العربية بمواقفهم الإيجابية ومواقف حكامهم وحكوماتهم ودولهم من القضية الفلسطينية، مثل مشاركة الجيوش العربية في حرب 1948، مشاركة الالاف من العرب في قوات الثورة الفلسطينية، زيارة الحكام إلى المسجد الأقصى قبل الاحتلال، فقرات من خطابات الحكام......

*تذكير العرب بتاريخ فلسطين وبمدى التقدم والحضارة الذي وصل له هذا البلد وهذا الشعب.

*التركيز على الخطر الصهيوني والهدف الاستعماري من إنشاء دولة إسرائيل ودورها الوظيفي ضد وحدة وتقدم الشعوب العربية، هذه بعض الأمثلة والمحاور التي يجب التركيز عليها، بعيدا عن السب والشتم وووو

2. الهجوم على الحكام والحكومات ونعتهم بالصفات السيئة، هذا سيؤجج من عواطف الشعوب العريية، ويجعلهم ينحازون الى جانب دولهم وحكوماتهم.

3. الا تستخدم المادة والتعليقات التي ننشرها كدعاية لمضايقة والتنغيص على حياة الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه الدول.

علينا كفلسطينيين أن نتعامل مع هذه القضية على قاعدة اننا ليس لنا أعداء بين الدول العربية وأن الشعوب العربية هي مخزوننا الاستراتيجي وظهيرنا الذي لا غنى لنا عنه، فكل الدول العربية أصدقاء لنا ونحن بحاجة لها. علينا ألا نوسع ونؤجج من أي اختلاف أو تناقض مع أي دولة عربية، وضرورة ان نضع هذا الخلاف في إطاره الضيق الصحيح، على قاعدة الا نتدخل في شؤون الغير ولا نسمح للاخرين بالتدخل في شؤوننا، والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل.

ان القضية الفلسطينية قضية معقدة وتحتاج إلى نضال طويل وصعب، ونحن في امس الحاجة لان نعزز من جبهة الأصدقاء وجبهة المحايدين، وأن نقلل ما امكن من جبهة الاعداء، فليس لنا الا عدوا واحدا لاغير، هو الاحتلال الإسرائيلي، فقط الاحتلال الإسرائيلي.

ان بعض الفلسطينيين، من اتباع الجاليات العربية وغير العربية، يستخدمون هذه القضية ليس للدفاع عن القضية الفلسطينية، بقدر استخدامها للهجوم على هذه الدولة او تلك، في اطار الصراع الإقليمي الذي تخوضه دولتهم الام، الممول، مع هذه الدولة أو تلك. انظروا ما يفعل أنصار هذا النهج من استخدام للمسجد الأقصى والصلاة والرباط فيه من أجل الهجوم على هذا النظام العربي أو ذلك النظام، انه لشيء مخزي ومقزز؟!.

نحن شعب صاحب قضية، قضية قوية ومقدسة، إمكانياتنا محدودة وظروفنا صعبة، ونحن بحاجة إلى كل من يقف معنا بما يملك، بل بحاجة أن نقلل ممن لا يقفون معنا.

إلى المعلقين من الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي: كثير منكم اساء للقضية الفلسطينية من خلال موضوعة الشمري أكثر من هذا الشمري نفسه.

إلى الأصدقاء في جيش الهبد 194 الرائع، يجب أن نعتمد هذه الأسس ونطورها ونبتعد كليا عن لغة الشتم وعن الشخصنة والهجوم على القادة والشعوب والحكام والرؤساء، بدءا من نتنياهو وصولا إلى ترامب وما بينهما، حتى لا تنحرف رسالتنا عن جوهر هدفها ولا ندخل في نقاشات نحن في غنى عنها.

ليست هناك تعليقات: