الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

القائد الوطني أيمن عودة، نحو التأثير والتغيير - د. رياض عبدالكريم عواد

 القائد الوطني أيمن عودة، نحو التأثير والتغيير

  د. رياض عبدالكريم عواد
بعيدا عن الشعارات والحماسة الثورية، طرح القائد الوطني أيمن عودة رؤيته/اشتراطاته لتفعيل العمل الحزبي بين الأقلية القومية العربية في اسرائيل، ونقله من باب الخطابة والرفض والمعارضة إلى إمكانية بناء حزب يهودي عربي كبير، يخلص اليهود من التطرف الذي ينمو داخلهم، ويهدد وجودهم وادعاءاتهم بالديمقراطية، وينصف الأقلية القومية الفلسطينية داخل اسرائيل، ويعطيها حقوقها الإنسانية والقومية ولو بالتدريج، بدءا من إسقاط قانون القومية البائس وصولا إلى إشراك هذه الأقلية في التخطيط لتقرير وجودها وتطورها الاقتصادي والاجتماعي. بدون هذا الحزب الكبير لن يكون تغيير عميق في دولة إسرائيل، كما يقول أيمن عودة.
د.أيمن عودة
ان القاعدة التي ينطلق منها القائد أيمن عودة للتأثير وتغييّر المعادلة... "بدوننا لن يستطيع أحد"، والخطوة الأولى إلى ذلك رفع نسبة التصويت في الوسط العربي من خلال إقناع الجمهور العربي أن الوجود العربي في الكنيست سيكون له تأثير إيجابي على وجودهم الحياتي والإنساني، بعيدا عن لغة الخطابات والرفض.
انخفض معدل التصويت في الوسط العربي في انتخابات الكنيست في نيسان 2019 الي 49%، مقابل 84% في الانتخابات المحلية قبل نصف سنة. لذلك فان مهمتنا الفورية هي رفع نسبة التصويت"، قال عودة، اذا صوت 65 في المئة من الناخبين العرب هذه المرة فان نتنياهو سيخسر الحكم.
الناخب العربي يرفض أن يصوت إلى أعضاء كنيست "سيجدون أنفسهم مرة اخرى في اقصى المعارضة، بارادتهم أو بغير ارادتهم، هزيلي التأثير، قليلي الانجازات"، لذلك فإن هذا الناخب ليس مستعدا لان يكون إمعة، وشعاره: عندما لا يكون تأثير – فلا تصويت، مواطنونا لن يكونوا بعد اليوم مواطنين من الدرجة الثانية في دولة اسرائيل، كما يقول أيمن عودة في مقابلة حديثه معه في يديعوت أحرنوت.
ان تركيز اعضاء الكنيست العرب على القضية القومية في ظل عدم امكانية حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، وترك قضايا الوسط العربي في اسرائيل على الهامش، على قارعة الطريق، محرومين من قسم كبير من ثمار النجاح الاسرائيلي، يدفع بالناخب العربي إلى عدم المشاركة في هذه الانتخابات. لذلك فإن أيمن عودة يحاول أن يحطم هذا المفهوم ويقدم رؤية جديدة للناخب العربي، تحت شعار " نحو التأثير" الاندماج والتأثير، لا الانعزال والمقاطعة، ونقل السياسة العربية من سياسة احتجاج الى سياسة تأثير. ان معظم الناخبين العرب يفضلون اليوم الانشغال بجدول أعمال مدني على الخطابية الفلسطينية. وهم يتوقعون من سياسييهم ان ينخرطوا في اللعبة السياسية الاسرائيلية ويجلبوا النتائج. لقد نجح نتنياهو في اقناع اجزاء من الجمهور العربي بان الكنيست هي مكان لا تنتج الا امورا سيئة لجمهورنا – مكان ليس منه منفعة، كما يقول عودة في تلك المقابلة.
يجب تحديد لويش رايحين على الكنيست؟ يتسأل السيد سهيل زيدان، عشان نتحاور مع بعضنا البعض؟ عشان الصراخ واخراجنا من قاعة الكنيست؟ ام لانتزاع الحقوق لمواطنينا؟ وين المشكله اذا استجاب رئيس الحكومه لما طرحه ايمن عوده عليه؟. اذا ما استجاب مرشح رئيس الحكومه لطلباتنا ما المشكله بدعمه من الخارج؟ لكان شو رايحين نساوي بالكنيست؟
يقول الكاتب نظير مجلي في مقال له بعنوان "عندما يقترب القائد من الناس" أن 68% من الجماهير العربية المستطلعة ارائها في 2019 يدعمون انضمام الأحزاب العربية إلى ائتلاف حكومي في حال قاد هذا الائتلاف حزب يساري أو وسطي، و64% يؤيدون مشاركة الأحزاب العربية في الائتلاف من دون تحديد هوية هذا الائتلاف، وأن %80 من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يرغبون مشاركة الأحزاب العربية في السلطة بشكلٍ غير مباشر عبر دعم الحكومة من الخارج مقابل برامج وميزانيات تطوير تدعم المجتمع العربي. وجاء في استطلاع آخر أن 73.1% منهم يؤيدون انضمام الأحزاب العربية الى الائتلاف الحكومي، في حال توفر الفرصة لذلك، بينما قال 21.1% انهم يعارضون ذلك.
أحد التكتيكات التي سيتبعها عودة في هذه الانتخابات هو أن "نكون جزءاً من الكتلة المانعة"، قال. "اذا اشار غانتس الى اتجاه عام ايجابي من ناحيتنا، فسنوصي به للرئيس، على قاعدة اعتماد سياسات وبرامج تقاوم الجريمة والعنف في الوسط العربي، وتجعله شريكا في التخطيط والبناء، وترفض قانون القومية، وتسعى الى السلام على أساس الدولتين، وانا، يقول عودة، سأؤيد كل اتفاق يوقع بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية". ويضيف، انا اريد ان ادفع الى الامام باقتصادنا، نحن لا يمكننا أن نسلم بما يسمى "السلام الاقتصادي"، لا في الضفة ولا هنا، هذا مفهوم يقول انه يمكن شراء العرب بالمال.
كما يخاطب عودة الوسط اليهودي ويؤكد له استحالة إسقاط اليمين دون التحالف مع الوسط العربي، لذلك فإن الرؤية التي يقدمها عوده للوسط اليهودي "وحدنا نحن لا نستطيع، ولكن بدوننا احد لن يستطيع. بدوننا لا يمكن تحقيق لا السلام، ولا الديمقراطية، ولا المساواة، ولا العدالة الاجتماعية. بدوننا لن تستبدل حكومة اليمين". ودون الحفاظ على الديمقراطية سيكون هناك مصيبة، اليهود شهدوا هذا على جلدتهم في المانيا الثلاثينيات.
يختصر القائد أيمن عودة رؤيته فيقول: "عندي خياران – إما أن اسير على المضمون وألا افعل شيئا، او اسعى الى التغيير. أنا لم آتِ الى إسرائيل – إسرائيل أتت الي...... انا مواطن في الدولة، وانا اريد أن أؤثر".
ويجيب على سؤال لماذا الآن؟ قال عودة. "نتنياهو أقام الجمهورية الإسرائيلية الثانية، جمهورية بلاد إسرائيل الكاملة، جمهورية التحريض، هدم الديمقراطية. حرض ضدنا اكثر من كل اسلافه معا.
في الختام يجب التأكيد، انه بعيدا عن توصيفات ومسميات الأحزاب في اسرائيل، فإن اي حزب اسرائيلي يقبل بالمحددات السياسية والاجتماعية، التي وضعها القائد أيمن عودة، من الممكن العمل والتعاون معه. هذا تكتيك ثوري وصحيح، هدفه التأثير على مسار الانتخابات وعلى اتجاهات الصوت اليهودي، وخلخلت معسكر اليمين الصهيوني القومي، مما ينذر بأضعاف معسكر اليمين ويبشر بإمكانية اسقاط الليكود ونتنياهو. ان إسقاط نتنياهو هدف استراتيجي يستحق هذا التكتيك السياسي الثوري.
أيمن عودة قائد وطني صادق ومثابر،
سياسي مبادر ومحنك، من المفيد لكل القوائم العربية الالتفاف حول هذا التكتيك الذي يتبعه وهذه السياسة الوطنية الصحيحة التي يطرحها.
ان القاعدة العامة، التي ارى ان الأقلية القومية العربية في اسرائيل من المفيد أن تتبناها، هي عدم تحميل نفسها واحزابها والقائمة المشتركة مهمات هي من صميم مهمات كل الشعب الفلسطيني. ان حق العودة ليست مهمة هذه الأقلية القومية وحدها، انها مهمة كل الشعب الفلسطيني.
ان الواقع يؤكد اهمية ان تركز هذه الاقلية، في نضالها المشترك مع الوسط اليهودي، على تحقيق اهدافها في الديمقراطية والمساواة والسلام، وان تعمل بنشاط من أجل اسقاط اليمين الصهيوني وقانون القومية.
أن أيمن عودة، مثال للقائد الثوري الواقعي، الذي يعمل من أجل نقل السياسة من عالم الخطابة والتحريض والرفض وتقديس "النضال" اللفظي إلى واقع الحياة وبناء المؤسسات والانجازات على الارض.

ليست هناك تعليقات: