صحافة العلمية ضرورة عصرية - بقلم الدكتور صالح عبد العظيم الشاعر
مع ازدياد العلوم وتَخصُّصاتها الدقيقة، ومع انتشار وسائل الإعلام الجديدة، وخصوصًا الصحافة الإلكترونية، تزداد الحاجة إلى الصحافة المتخصِّصة. فلم يَعُد مفهوم الصحافة الشاملة مقبولاً الآن إلى حد كبير؛ إذ لكل فرع من فروع العلم والمعرفة أدواته، ومصادره، وطريقته في المعالجة والعرض.
والصحافة العلمية - المُتخصِّصة في العلوم والتكنولوجيا - تشهد الآن نقْلة جديدة من حيث الكمُّ والنوع؛ نظرًا لظهور مشروعات وخُطَط علمية وبحثية جديدة، وعقد للمؤتمرات العلمية الدولية في مجالات حديثة باستمرار.
ولعل مما يُبرِز دَور هذا النوع من الصحافة الحالي والمستقبلي: قيامها بدور اجتماعي حيوي، يتمثَّل في كونها المترجِم أو حلقة الوصل بين العلماء المتخصِّصين الذين يغلب على كتاباتِهم الطابَع الحسابي والتِّقني شديد الدقة والتعقيد، والقراء الذين يحتاجون في فَهْم العلوم إلى لغة أبسط وأسلوب أوضح.
كما أن الصحفي العلمي مطالب بأن يكون مُترجمًا أمينًا من اللغة الإنجليزية - وهي اللغة السائدة في العلوم في الوقت الحاضر - إلى اللغة العربية سهلة القراءة والاستيعاب لدى غالبيَّة القراء.
ولأن الصحافة العلمية ليست من السهولة بمكان، فإنها تحتاج إلى مواصفات خاصة، منها:
1- الالتزام بالدقة والفَهْم الصحيح للموضوعات العلمية.
2- احترام العلم والعلماء والباحثين والمخترعين.
3- التخلص من رهاب العلوم.
4- مراعاة التخصصات العلمية الدقيقة وأخذ العلوم من مصادرها.
5- الثقافة اللغوية التي تمكِّن الصحفي من الوصول إلى القارئ بدقة وسلاسة مُتلازِمَتَين.
والمتوقَّع من الصحفيين العرب المهتمين بالعلوم والتكنولوجيا سدُّ الفجوة المتوقَّعة في هذا المجال، بعدما ازدادت أوعية النشر الخاصة به بشكل ملحوظٍ، فعلى سبيل المثال تُكمِل الطبعة العربية من مجلة (Nature) عامها الأول في أكتوبر القادم، وقبلها مجلة (علوم وتكنولوجيا) و(العربي العلمي) و(التقدم العلمي) و(العلوم الأمريكية) في الكويت، ومجلة (الهندسة والتكنولوجيا) في العراق، ومجلة (تقنيات وعلوم) و(تكنولوجيا الاتصالات
والمعلومات) في السعودية، وغيرها. والزيادة متوقَّع استمرارها باطراد، مع استحداث مؤسسات علمية عربية جديدة، مثل مدينة زويل العلمية، وجامعة الملك عبدالله، فلا غنى عن الصحافة العلمية لتعظيم الدور الاجتماعي لهذه المؤسسات وإيصال فوائدها إلى المجتمعات العربية.
وقد تنبَّهت بعض المؤسسات إلى ضرورة إدخال مفهوم الصحافة العلمية في عالمنا العربي، فعلى سبيل المثال قامت المؤسسة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بعقد ورشة عملٍٍ في الصحافة العلمية واستخدام الوسائل الثقافية الحديثة ودَورها في تنمية المعرفة داخل المجتمع، القاهرة في الفترة من 11- 14/8/2012.
ويقوم الاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين (WFSJ) أيضًا بنشر كثير من المفاهيم الدقيقة حول الصحافة العلمية في شكل دورة متوفِّرة على شبكة الإنترنت بلغات متعددة، إحداها العربية. إذ لا يُعقل أن تكون لدينا تخصُّصات في الصحافة السياسية والاقتصادية والفنية، وتُترك الصحافة العلمية التكنولوجية لكل من هبَّ ودبَّ؛ وهي رأس الحربة في تنمية المجتمعات وحجر الأساس في بناء المستقبل؛ لأن دَورها لا يقتصر على توفير المعلومة لمن يَجهلها، وإنما يُراد لها أن تكون حجر الأساس في صِناعة القرار ورسْم السياسات؛ لدفع المجتمع إلى الأمام وتنميته بشكل علمي سليم.
♦ ♦ ♦ للاستزادة حول الموضوع ابحث عن:
• هل سيشهد العرب ربيع الصحافة العلمية؟ بقلم مروان المريسي.
• حوار صفات سلامة مع جيسون بونتن على موقع صحيفة الشرق الأوسط.
• نحو رؤية جديدة للصحافة العلمية.. مَن يتبنَّاها؟ بقلم صفات سلامة.
• الصحافة العلمية بين النظرية والتطبيق، كتاب لحاتم صدقي منشور على
مستودع الأصول الرقمية بجامعة الإسكندرية. • صفحة أعلام الثقافة العلمية العربية على فيسبوك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق