التوظيف السياسي للعلامات الدينية
![]() |
ذ.محمد الدهري |
الكثير من الجماعات الدينية لها علاماتها ورموزها التي قد تختلف وقد تتفق ورموز جماعة دينية أخرى. وما يمكن قوله أن هذه العلامات تمثل تلك الجماعة الدينية بل وترسم ملامح هويتها المخصوصة بالضرورة. لذا عندما تُمس هذه العلامات ترد تلك الجماعة الفعل بعنف بدافع الدفاع عن الهوية التي يقع اختزالها في تلك الرموز الدينية. والخطير في الأمر تحول العلامات الدينية إلى خزان للذاكرة الشعبية وتذكيتها للخيال الشعبي وبذلك يصبح تغييرها أو حتى محاوله فهمها من الصعب بمكان.
و ان اخطر ما يمكن ان نصل اليه - والحال كذلك - هو ان يصبح واقعنا السياسي صراعا بين حكومات وأحزاب الهم الرئيسي لبعضها فرض هذه العلامات على المواطنين أو نزعها عنهم . مما معناه انحطاط اخلاقي وانساني فضلا عن تدمير القيم الروحية والعقلية . وبالفعل قد اصبحنا على شفا هذه الهاوية مع صدور تعليمات وتوصيات في مؤسسات عامة وخاصة تحرم أو لا تفضل التعامل مع الرواد من المنقبات أو المحجبات وبالعكس. وهذا التوظيف السياسي فاقد التقدير لما يعنيه ذلك المسلك من انهيار لكل معاني السياسة ومفاهيمها.
وان استخدام العلامات الدينية للترويج السياسي لا يبني سياسة ولا يصلحها غير انه يسيء الى الدين ويهتك حرية الضمير التي لا قيمة للايمان من دونها. و بالمقابل- و على سبيل المثال - فإن نزع النقاب أو الحجاب بالقانون تطبيق ليس فيه شيء من العقلانية وبالتأكيد فيه انتهاك لحق من حقوق الانسان العامة غير القابلة للتقييد الحق في حرية الاعتقاد الذي لا سياسة بدونها. و هكذا يشيع في السياسة المتداولة اجتماعيا منطق التحدي المتبادل لتحقيق انتصارات رمزية تخفي عجز و فشل في التنافس السلمي الحضاري على السلطة. في الوقت الذي ينبغي فيه تحقيق انجازات على مستوى العقيدة الاجتماعية ( القيم الوطنية المشتركة) كيما تنقذنا من مصير الاقتتال الأهلي الذي يحدث - في المجتمعات المفككة ذات الثقافات القشورية -لأهون الأسباب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق