جرذان المعبد
شعر المستشار عماد
أبوهاشم
وطنى
يا نصفَ الكوبِ
الفارغِ
يا نصفَ الكوبِ
المملوءْ
فى كل صباحٍ
تسكبُ أوعيةَ
اللبنِ
ومساءً
تبكى على اللبنِ
المسكوبْ
يا أوَّلَ مَنْ جعل
الحُكَّامَ فراعنةً
بل آلهةً تُعبدْ
وتَرَهْبَنَ فى
ديرِ الفرعونِ الثَّالوثِ الأوحدْ
وتَنَسَّكَ أجيالًا
فى خِدمتهِ
وتَعمَّدْ
وبِعزَّةِ فرعونَ
قاسمهُ أن
يُستَعبدْ
يامَنْ قَضَمَ
الأحجارَ
وشيَّد أعمدةَ
المَعبدْ
وتَضَرَّع فى
الصَّلواتِ
وفى الغزواتِ
يُزَمجرُ مثل
البرقِ
ويُرعدْ
مِنْ دون الفرعونِ
تَسقط فوقَك أعمدةُ
المَعبدْ
يا أوَّل مَنْ
رَفَعَ المَمْلُوكَ على عرشِ السُّلطانْ
وتملَّكَهُ زَمَنًا
كلُّ الأجناسْ
:
فرسٌ
رومٌ
يونانْ
أحباشٌ
أتراكٌ
ألبانْ
المِنْبَرُ حلَّل
ذالكَ
والقدَّاسُ تُدَقٌّ
له الأجراسْ
الأحرارُ عبدٌ
يحْكمهم
وكلابٌ تُطلِقها
الحُرَّاسْ
نَتَعَوَّد طعمَ
الجُوعِ
وطعمَ مَرارةِ
ذُلِّ سُؤالِ النَّاسْ
مِنْ أجلِ
رَفَاهيةِ السُّلطانْ
مَلِكِ النَّاسِ
الإمبَراطُورِ القَيصَرْ
الأَميرِ لِمَنْ
وَلَّاهْ
كِسرى " شَاهِنْشَاهْ "
رُكنِ الأركانْ
مَنْ يُحزِنُ أو
يُسعِدْ
مَنْ جَاءَ إلينا
فى يومٍ أسوَدْ
يا أوَّلَ مَنْ
وَضَعَ الحُكْمَ المُطلَقْ
الفرعونُ الدّولةْ
واحدٌ مُطلقْ
وأَحَبَّ القَهرَ
وكلَ سِيَاسَاتِ
البَابِ المُغلَقْ
وأَعَانَ الفَاسِدَ
أن يُفسِدْ
والسَّارِقَ أن
يَسرِقْ
وتَمَنَّى
بِإِصْرارٍ
أنْ يَحْكمَهُ
مّنْ يُشْعِرُهُ
بالخَوفِ
ويَجعلُهُ يَقلقْ
وتَمَلَّق مَنْ
سَلَبَ الحُرِّيَّةَ مِنْ يَدِهِ
حَمَلَ البَارودَ
وأحْرَقْ
وطنى لا يَرْغَبُ
أىَّ مُساعدةٍ
ويُفَضِّلُ أنْ
يَغرقْ
يا أوَّلَ مَنْ
صَنَعَ القَمْعَ المُفرِطْ
واستخدمَ
تِقْنِيناتِ السَّوطِ
وطَالبَ أن يُجلدْ
وتَغَزَّل فى بابِ
الزِّنْزَانةِ
والسَّجَّانْ
وتَقَدَّمَ شُكْرًا
للحُرَّاسِ
وللجَلَّادْ
ورَأى فى العيشِ
بِدون السَّوطِ
بِدون الجَلدِ
بِدون السِّجنِ
فَرَاغًا
مَمْقُوتَا
مُحْبِطْ
وطنى
يا أقوى مِنَ
الزِّلْزَالْ
لم يُثنِ شُمُوخَكَ
لا الفُولاذُ
ولا أحجارُ
الجِبِالْ
فلِماذا
تَرَكْت سُفُوحَكَ
تَملَأُ
أَنْحَاءَها الجُرْذانْ
ولِماذا
تَرَكْتَ حُقُولَ
القَمحِ لها
وتَنَازَلْتَ عن
أشجارِ الفَواكِهِ
والخَيزُرانْ
يا أوَّلَ مَنْ
مَلَّكَ الأرضَ
للحَشَرَاتِ
وللجُرْذانْ
الآنَ يَهُزٌّ
ثَبَاتَكَ جُرْذٌ
تُزَلزِلُ
أَقْدَامُهُ الأركانْ
يا مَنْ
يَحمى
ويُدَافِعُ عنْ
خطأِ الماضى
ويُفَضِّلُ أنْ
يَحيا بين الأطْلالْ
ويَخَافُ الغُولَ
وأَشْباحَ المَوتى
ويُصَدِّقُ كلَّ
حِكاياتِ الأطفالْ
مازِلتَ تَخَافُ
الكَاهنَ أنْ يَغضَبْ
وتُنَفِّذُ كلَّ
قوانينِ المَعبدْ
وتُخَالفُ قانونَ
الإنسانْ
تَرْشُو الكاهنْ
والحاكمَ والسيِّدْ
وتُقدِّمُ فى
الأعيادِ لهم قُربانْ
مازِلتِ تُحاوِلُ
أنْ تَصْمُدْ
وأَصَابِعُ
رِجْلِكَ
يَقْرِضُها
جُرْذانٌ فى المَعبدْ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق