الأحد، 19 أغسطس 2018

بيان أبو خماش و اريانا الأمريكية وطفل الفأرة الروسي - د.رياض عبدالكريم عواد

بيان أبو خماش و اريانا الأمريكية وطفل الفأرة الروسي


د.رياض عبدالكريم عواد
أريانا طفلة امريكية جميلة، رغم أنها في السادسة من عمرها، الا انها وصلت إلى الصف الثالث الابتدائي ودخلت رياض الأطفال عند عمر سنتين.
في الفترة الأخيرة الفت اريانا كتابين وقصيدة شعر حتى تغنيها لامها تقول فيها: "منذ اليوم الذي ولدت فيه نظرت لعينيك وشعرت بمدى حبك لي، فراشتي يوما ستحلقين"، كما أطلقت اريانا متجر الكتروني لبيع الكتب وملابس السباحة .
مادة العلوم هي المادة المفضلة عند أريانا التي تريد ان تصبح عالمة لتخترع لعبة الكترونية تتمتع بالإحساس وتتفاعل مع من يلعب معها من الاطفال وتساهم في حمايتهم من الشعور بالوحدة.

وهذا طفل روسي في السادسة من عمره، ايضا، يدافع عن حق الفأرة التي كانت حامل في الإنجاب وتكوين عائلة داخل منزلهم. احتج على عائلته وأعطاها محاضرة عن حقوق الحيوان، بعد أن قتل ابيه وأخته هذه الفأرة، واتهمهما بالاعتداء على الطبيعة وتدميرها. أنهى الطفل الروسي حديثه ببراءة بعد عشرين دقيقة مقتنعا "أن هذه الفأرة القتيلة قد ذهبت الان إلى الجنة".
لم تسمح ديمقراطية إسرائيل للطفلة بيان ابو خماش البالغة من العمر سنة ونصف، ولا لأختها رزان، الجنين في بطن امها ايمان، من مواصلة الحياة والتعلم واختيار المسار الذي تريد، خدمة لبلادها وللناس اجمعين.
لم تسمح قوات الاحتلال الاسرائيلي لبيان أن تختار طريقها نحو العلم والاختراعات، كما فعلت الطفلة أريانا الأمريكية، او باتجاه الدفاع عن حقوق البشر والحيوان وكل ما هو كائن حي، كما اختار الطفل الروسي. لم تنتظر طائرات إسرائيل الديمقراطية بيان حتى تؤلف أغنية لامها اناس كما فعلت أريانا الامريكية نحو أمها. هل تكره إسرائيل وجيشها وطائراتها الشِعر والطفولة والحياة؟!
استعجلت طائرات إسرائيل وقصفت منزل عائلة ابو خماش مع بزوغ فجر الخميس 9 آب أغسطس 2018، بصاروخ اخترق سقف منزلهم المتواضع، سقط الصاروخ وسط العائلة، وتسبب في تمزيق جسد الأم وجنينها وطفلتها، وأصاب الأب بجراح بليغة.... حرمت طائرات الاحتلال الطفلة بيان من مستقبلها، والجنين رزان من القدوم إلى الحياة.

في يوم الاربعاء، قبل يوم المجزرة بيوم واحد، سجلت ايناس والدة الطفلة القتيلة والجنين الموءودة، كلمات بسيطة على الفيس بوك. أرادت منها أن تكون رسالة توجهها لطفلتها بيان، تطمأنها وتقويها ولتستمد الحياة من وجودها: "أنا لأجلك سأصنع أي شيء، كوني بقربي دائما، خففي من ضجيج الحياة بصوتك، أخبريني أنه لا شيء سيئ وأنت بالقرب مني". وتابعت: "ابنتي ارمي حملك علي ما دمتي تثقي بي، فأنا لأجلك سأصنع أي شيء".
التصقت أشلاء الأم وطفلتها في سقف المنزل، لطخت الجدران بدمائهم، ورسمت لوحة حمراء بشعة تعبّر عن جرائم الاحتلال المتكررة. دمى وألعاب الطفلة بيان تناثرت ممزقة في اركان المنزل، كل دمية تروي حكاية، وكل لعبة لها قصة ومناسبة.
ثابوت واحد احتوى أشلاء ايناس الام وطفلتها بيان وجنينها رزان، تم تشييعهم ودفنهم في قبر واحد. رفضت الاشلاء أن تنفصل عن بعضها، وفضلت أن تبقى ملتصقة في الموت، كما كانت ملتصقة بحب وحنية في الحياة.
كانت إيناس، الحامل في الشهر التاسع، تنتظر مع كل الاسرة لحظة الولادة بلهفة وشوق، لحظة ان تضع مولودها رزان الجديد.
كانت ايناس تنتظر رزان بفارغ الصبر، لكن الغدر الإسرائيلي داهمهم بغتة واغتصب فرحتهم وسرق منهم بهجة اللقاء والحياة، فرحلتا سويا مع الطفلة بيان ليضع الاحتلال، كعادته، نهاية مأساوية لأسرة شابة كانت تحلم بالهدوء والسلام والحرية

ليست هناك تعليقات: