الأربعاء، 1 مارس 2017

غزة ..تساؤلات الحرب - د. رياض عبدالكريم عواد

غزة .. تساؤلات الحرب 

د. رياض عبدالكريم عواد
 لم يعد احد يتساءل عن موعد حدوث الحرب القادمة على غزة، فالجميع تقريبا، يؤكد ان موعد هذه الحرب قد اقترب، والقرار قد أُتخذ، وعلى أهل غزة ان يستعدوا لهذه الحرب، التي لن تكون مثل سابقتها، كما يقول احد المغردين الخليجين.
يوجه تقرير الدولة الاسرائيلية حول حرب ٢٠١٤ اتهاما بالتقصير لنتنياهو ولعدد من المسؤولين الاسرائيليين، ويتهمهم بعدم استعدادهم التام لمواجهة خطر الانفاق على اسرائيل. كما ان اريه درعي، الوزير الاسرائيلي في الحكومة اليمينية الحالية، يؤكد ان اسرائيل ستسيطر على الانفاق "قريبا سينتهي تهديد الانفاق".


من الواضح ان مواصلة تركيز الاعلام والقادة الاسرائيليين على الانفاق وخطورتها، والنفخ فيها، وفي امكانية استخدام المقاومة لها لاحتلال مناطق قريبة من الشريط الحدودي، "١٥ نفقا اخترقت الحدود الشريطي، وان نفقا موجود تحت احد التجمعات السكانية"، هي الذريعة التي ستستخدمها اسرائيل لحشد الراي الشعبي الاسرائيلي حول الحرب القادمة واهدافها، وهي المبررات التي ستقدمها اسرائيل للراي العام العالمي، حول شرعية واحقية اسرائيل في شن هذه الحرب "الدفاعية".

إن مجموع التصريحات العنترية الاسرائيلة تؤكد ان اسرائيل، ولاسباب عديدة، باتت مستعجلة من امرها في شن هذه الحرب، وهي تريد ان تبدأ هذه الحرب بالسرعة اللازمة لتستفيد من وجود ترامب وموقفه ضد فكرة حل الدولتين، وهي تعتقد ان هدف هذه الحرب سيكون انهاء هذه الفكرة نهائيا. كذلك فان ضعف الوضع العربي وميوعته، وانكفاء كل دولة على مشاكلها الداخلية، بعد مؤامرة الربيع العربي، يشجع اسرائيل على سرعة اتخاذ قرار الحرب. طبعا لايمكن اغفال حاجة نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف لمثل هذه الحرب، للخروج من العديد من مشاكلها الداخلية.

ان السؤال الذي يشغل الجميع، ماهو هدف هذه الحرب؟ والى أي مدى ستتمادى اسرائيل في استخدام قوتها المفرطة ضد اهل غزة المدنيين الامنيين؟ وكم ستطول هذه الحرب؟

هل ستبدأ اسرائيل من حيث انتهت الحرب السابقة في ٢٠١٤ وتقصف ابراج غزة وتحول سكانها الى مهجرين جدد. وتواصل استهداف رؤوس قادة الاجنحة العسكرية والقيادات الفاعلة، وتستمر بشن حرب محدودة يكون القصف المتبادل على طول الشريط الحدودي هو ابرز مكوناتها.

ام ان القوات الاسرائيلية ستحتل شرق طريق صلاح الدين، وتجبر هذا العدد الهائل من السكان على الاتجاه الى غرب غزة حيث مدارس وكالة الغوث، التي صرفت عليها هذه الوكالة وجهزتها، لتكون مراكز لايواء المهجرين الجدد، بكفاءة افضل من الحرب السابقة، التي عانى فيها هؤلاء المهجرين من نقص شديد في المياه وخدمات الصحة العامة من حمامات ومراحيض، بالاضافة الى ضيق مخازن وكالة الغوث على تلبية حاجات المهجرين الاساسية.

من بلاد استراليا البعيدة، صرح نتنياهو تصريحا غريبا، يتناقض مع موقف اسرائيل التاريخي من الامم المتحدة، وفكرة استخدام قواتها الدولية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. استهجن العديد من المراقبين هذا التصريح، الذي يطرح فيه نتنياهو امكانية تسليم غزة، مؤقتا، لقوات الامم المتحدة ذوي القبعات الزرق، مما دفع العديد منهم مراجعة تصريح ايوب القرة، عضو الكنيست الاسرائيلي عن حزب نتنياهو، والذي يدعو فيه الى تطبيق مشروع دولة غزة، بعد توسيعها باتجاه الجنوب في سيناء المصرية.

ان تصريح نتنياهو يشير الى اتجاه تفكير هذه الحكومة الاسرائيلية اليمينية، وامكانية ان يكون هدف هذه الحرب، هو اعادة احتلال قطاع غزة مؤقتا، بعد تدمير بنيته التحتية ومبانيه وابراجه، وايقاع العديد من المذابح الصغيرة والمتفرقة هنا وهناك، لبث حالة من الذعر والرعب بين السكان، ودفعهم الى الهرب في اتجاه الجنوب وليس الغرب، كما حدث في الحرب السابقة، وفتح سجون انصار في غزة وبئر السبع من جديد، للزج بعشرات الالاف من الشباب، الذين قد يشكلون خطرا محتملا على الوجود المؤقت للقوات الاسرائيلية في قطاع غزة، واعتقالهم في هذه السجون المفتوحة.

ان اسرائيل لن تتحمل ان تطول مدة احتلالها المؤقت لهذا القطاع، الذي يترنح تحت العديد من المشاكل الاقتصادية والبيئية، كما ان طول مدة الاحتلال سيدفع اهل القطاع لمقاومته بكل الطرق المتاحة، مما يفسد هدف اسرائيل الاساسي من هذه الحرب، لذلك ستحاول اسرائيل الا يطول هذا الاحتلال، وستبحث عن طرف فلسطيني مسنودا اقليميا لتسليمه هذا القطاع ومشاكله العديدة، فهل ستجد مثل هذا الطرف، خاصة بعد ان انتفى موضوعيا امكانية ان يكون ذلك هو السلطة الوطنية الفلسطينية؟!

ان مصر، ورئيسها عبدالفتاح السيسي وجيشها وشعبها، هي الدولة الوحيدة القادرة على الوقوف في وجه السناريو الجديد لهذه الحرب المتوقعة، وحماية ارضها من الاطماع الصهيونية التاريخية في التمدد نحو سيناء، وحماية المدنيين الفلسطينين من هجرة جديدة، ودفن مشروع دولة غزة مرة واحدة والى الابد.

ان الفلسطينيين من اهل غزة باتوا على وعي كامل، بخطر الحرب القادمة عليهم وعلى ممتلكاتهم، وان ذكريات هجرتهم المؤقتة من شرق قطاع غزة الى غربها، ومالاقوه من معاناة ومشقة واذلال مازالت حية في ذاكرتهم، وان مناظر بيوتهم المهدمة، واشلاء ابنائهم وانات جرحاهم لم تفارقهم بعد، لذلك فان هؤلاء السكان هم ضد فكرة هذه الحرب، ويتمنون على الجميع، وعلى رأس ذلك سلطتهم الوطنية والرئيس ابومازن ومصر وكل الدول الاقليمية الفاعلة، حماية غزة واهلها من مأسي الحرب القادمة، كما يتمنون على المقاومة ان تحمي رؤوس قادتها من الاستهداف والاغتيالات، وألآ تنجر الى الاستفزازات الاسرائيلية ولاتقع فريسة لمخططاتهم الشريرة.

ليست هناك تعليقات: