الثلاثاء، 13 يونيو 2017

الكفاح المسلح في اطار النضال الفلسطيني، مراجعة نقدية د. رياض عبد الكريم عواد

الكفاح المسلح في اطار النضال الفلسطيني، مراجعة نقدية

د. رياض عبد الكريم عواد

تميز الفلسطينيون بمراجاعاتهم المتعددة استجابة لشروط ظروفهم النضالية، التي في الغالب تُفرض عليهم فرضا، مما يضطرهم لاعادة النظر في كثير من البديهيات والمسلمات التي يؤمنون بها. لكنهم لم يستطيعوا ان يتوقفوا بجدية وبروح نقدية امام تجربة النضال المسلح، لما يحيط هذا الاسلوب والنهح من قداسة وتعظيم. ان هذا لا يرجع في غالبه إلى ضعف الإرادة الفلسطينية فقط، بل تشكل التعقيدات والظروف التي يمر بها الفلسطينيون والنضال الفلسطيني عاملا هاما اخر قد لا تسمح بمثل هذه المراجعات.

في ظل وجود الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية وانتصار حركات التحرر العالمية والمد القومي الناصري بدأ الفلسطينيون يتلمسون طريق البحث عن استقلاليتهم وتسائلهم عن الدور الذي يجب ان يقوموا به من اجل قضيتهم. تشكلت حركات سياسية عديدة تتبنى الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لتحرير فلسطين.
فور وقوع هزيمة يونيو ١٩٦٧، باشرت المنظمات الفدائية عملياتها العسكرية داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وعبر الحدود العربية، خاصة الحدود الاردنية. التقط جمال عبد الناصر هذه الظاهرة ورعاها ودعمها معنويا وماديا وسياسيا، واعطاها اشارة السيطرة على م ت ف ومؤسساتها وتغيير قيادتها الكلاسيكية بقيادة ثورية جديدة. لقد كان للدور الناصري، اضافة لارادة الفلسطينيين وهزيمة ١٩٦٧، دورا حاسما في انطلاقة العمل العسكري الفلسطيني واستمراريته في مرحلة تواجد الثورة في الاردن، حيث توافق ذلك مع حاجة ناصر للتغطية على اثار هزيمة ١٩٦٧، واعطائه الامل باستمرارية مشروعه القومي.

تواصل العمل الفدائي الفلسطيني، وكان للانتصار في معركة الكرامة في ١٩٦٨ دورا بارزا في رفع الروح المعنوية، ومد الثورة بالاف المقاتلين الفلسطينيين والعرب، وزيادة نفوذ الثورة في الاردن. كما تواصل العمل العسكري الفلسطيني عبر الحدود من خلال ما أطلق عليه الدوريات الفدائية. وتواصلت العمليات الفدائية في مختلف مناطق الاراضي المحتلة، مما دفع الحاكم العسكري الاسرائيلي في قطاع غزة ليعترف بان الفدائية يحكمون غزة في الليل بينما تحكمه اسرائيل في النهار.
لقد اسهم العمل العسكري في هذه المرحلة، رغم المبالغات الاعلامية التي رافقته من اذاعات الثورة التي كانت تبث من القاهرة ودمشق وبغداد، هذه المبالغات التي دفعت احد الختيارية ليعلق عليها "لو حسبنا عدد الناقلات والجيبات العسكرية التي يتم تدميرها كل يوما، لم يبق في اسرائيل عربات عسكرية". طبعا هذه المبالغات قد تكون مفهومة في اطار دعم الروح المعنوية لاهالي الارض المحتلة. اسهم هذا العمل العسكري في خلق الهوية الوطنية الفلسطينية الجديدة، ووضع الشعب الفلسطيني على الخارطة العالمية من لاجئين يبحثون عن ما يسد جوعهم الى ثوار يبحثون عن تحرير وطنهم.
لم تستمر هذه الفترة طويلا، وهُزمت الثورة في الاردن وغادرت الاراضي الاردنية باتجاه الجنوب اللبناني عبر سوريا. وبرز خلال هذه الفترة العمل العسكري الخارجي ضد الاهداف الاسرائيلية المدنية في مختلف عواصم العالم، كأحد ابرز وسائل النضال الفلسطيني. لقد لجأ الفلسطينيون لهذا الاسلوب حتى يفهم العالم ان هناك شعب فلسطيني يناضل من اجل حريته، وكذلك كتعويض وردة فعل على هزيمة الثورة في ايلول ١٩٧١. لقد تراجع العمل العسكري داخل الاراضي المحتلة بشكل كبير على اثر فقد الثورة لقواعدها في الاردن.
استقرت الثورة الفلسطينية في الجنوب اللبناني وامتدت الى بيروت وطرابلس، ونسجت علاقات مميزة مع الحركة الوطنية اللبنانية. تميزت هذه المرحلة بقيام فصائل الثورة بعمليات نوعية ضد اهداف داخل اسرائيل مثل عملية المنطاد، عملية مطار اللد، عملية دلال المغربي، عملية معالوت ترشيحا ....وغيرها الكثير من العمليات العسكرية النوعية. كما تميزت هذه المرحلة باستخدام القصف المدفعي والصاروخي لمستوطنات اسرائيل الشمالية، ومواصلة الثورة الفلسطينية في الدفاع عن نفسها ضد الاجتياحات الاسرائيلية المتكررة من ناحية، وضد قوى الثورة المضادة، بالتحالف مع القوى الوطنية اللبنانية، من ناحية اخرى، خلال فترة الحرب الاهلية اللبنانية.
كانت العمليات العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة شبه متوقفة خلال هذه الفترة. كما شهدت هذه المرحلة وقف العمل العسكري الخارجي نهائيا والتخلص من القادة والكوادر الذين عارضوا هذا النهج. ان اسباب وقف العمل العسكري الخارجي كانت كثيرة منها انه استكمل مهمته في تعريف العالم بالقضية الفلسطينية، والادانة المتزايدة لمثل هذه العمليات من كثير من القوى الصديقة والحليفة، وافتقاد هذا الشكل من العمل العسكري المبررات الاخلاقية للاستمرار به، اضافة للتعقيدات اللوجستية والتنظيمية التي رافقته، والاجراءات الوقائية التي ابتكرتها دول العالم لمواجهته.
على اثر حرب ١٩٨٢ ومغادرة الثورة الفلسطينية الاراضي اللبنانية وتوزعها على المنافي القسرية العربية، نجحت فصائل م ت ف في تركيز عملها النقابي والمؤسساتي والجماهيري داخل الاراضي المحتلة، مما ساهم في اعادة احياء الحالة النضالية الجماهيرية، من خلال المظاهرات ومختلف اشكال النضال السياسي. لقد ساهمت اللجان الوطنية داخل الاراضي الفلسطينية في بث روح الثورة من جديد بين مختلف فئات وقطاعات المجتمع الفلسطيني، مما ادى الى انضاج الحالة الثورية العامة التي ترافقت مع عمليات الجهاد الاسلامي واستخدامه للسكاكين ضد المستوطنين والجيش الاسرائيلي خاصة في قطاع غزة، مما أجج الروح الثورية بين الشباب. ان هذه الارضية النضالية هي التي سمحت بقيام اول عمل نضالي جماهيري واسع في ١٩٨٧، الانتفاضة الفلسطينية الاولى، التي شارك فيها كل الشعب في مختلف مناطق الاراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والضفة وغزة.
استمرت هذه الانتفاضة وتجذرت وحافظت على سلميتها الى حد كبير، رغم الدعاوي والمطالبات الكثيرة التي كانت ترى ان هناك اهمية لتسليح الانتفاضة وعسكرتها. لقد تمت هذه العسكرة الى حد ما من خلال انشاء الاذرع العسكرية لمختلف الفصائل الفلسطينية التي ركزت في اعمالها على ملاحقة المتعاونين بدلا من ملاحقة المحتلين. لقد فشلت هذه الاذرع بالصفة العامة في مواجهة الاحتلال عسكريا، وهذا قد يعود الى ارتجالية ومزاجية تشكيلها، وضعف تدريبها وتسليحها، والضربات الامنية المتتالية التي توجهها قوات الاحتلال لهذه التشكيلات وهي في طور الاعداد، وهذا ما اكدته الدراسة التي أجرتها المحامية اليسارية الإسرائيلية، ليئا تسيمل، والتي قالت فيها أن أكثر قليلاً من 90% من المسجونين الفلسطينيين، بتهم أمنية، أُلقي القبض عليهم، قبل أن يقوموا بأي عمل عسكري؟!.
كان من ثمار هذه الانتفاضة المباركة، اتفاقية اسلو وتشكيل اول سلطة وطنية فلسطينية على ارض الوطن، وعودة الاف المدنيين والمقاتلين الى وطنهم. وبداية تشكيل وبناء المؤسسات الفلسطينية المختلفة لتكون نواة لقيام الدولة الفلسطينية. في هذه الاثناء بدأت حركة حماس، واتبعتها حركة الجهاد الاسلامي، عمليات اسمتها عمليات استشهادية، استهدفت هذه العمليات التفجيرية في الغالب المدنيين الاسرائيلين في مختلف اماكن تجمعاتهم، مما اوقع الهلع داخل المجتمع الاسرائيلي الذي اصبح يتجه نحو تأييد اليمين الصهيوني، الذي وجد في هذا النوع من العمليات العسكرية فرصته لينقلب على اتفاقية اسلو ويغتال رئيس الوزراء الاسرائيلي رابين شريك ياسر عرفات في هذه الاتفاقية.
وما ان وصل شارون الى سدة الحكم في اسرائيل حتى اتخذ قراره بتصفية السلطة الفلسطينية وتدمير بنيتها التحتية واضعافها وتحديها، مما ادى الى اندلاع الانتفاضة الثانية التي تميزت بمواجهات عسكرية مع قوات الاحتلال الاسرائيلي وصولا لاعادة احتلال الضفة الغربية وحصار ياسر عرفات واغتياله داخل المقاطعة في رام الله.
في عام ٢٠٠٦ جرت انتخابات تشريعية فازت فيها حركة حماس التي توقفت عن القيام بعملياتها الاستشهادية داخل اسرائيل، وكذلك حذت حركة الجهاد حذو حركة حماس، مما يبين بوضوح ان هدف هذه العمليات لم يكن هدفا عسكريا يستهدف ايلام العدو الاسرائيلي، وايقاع اكبر الخسائر في صفوفه وبين قواته، بقدر ما كانت تستهدف توجيه ضربة لعملية السلام المنعقدة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، والتي ترى فيها حماس اقصاء لها وتجاوزا لدورها السياسي الذي تطمح اليه.
حكمت حماس قطاع غزة وعززت من قوتها العسكرية التي اصبحت اقرب ما تكون الى قوات عسكرية نظامية تصدت لحروب اسرائيل المتكررة على قطاع غزة. هذا ما حدث في أربعة حروب مدمرة شنتها اسرائيل في الاعوام ٢٠٠٨، ٢٠٠٩، ٢٠١٢، ٢٠١٤ ضد قطاع غزة، واجهتها حماس والاجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية الاخرى بالقصف الصاروخي والمدفعي لمدن اسرائيل المختلفة، ومستوطناتها الحدودية، وتصدت لمحاولة تقدم القوات البرية داخل مناطق قطاع غزة. تنتهي دائما هذه الحروب بهدنة تمتد الى سنوات يلتزم فيها الجانب الفلسطيني الصمت العسكري، دون ان يحقق أي من الاهداف التي يعلن عنها اثناء المواجهات العسكرية.
ادت هذه الحروب المتتالية والحصار المفروض على قطاع غزة الى تدمير البنية التحية لقطاع غزة، ووقف الحياة الاقتصادية، وانتشار البطالة والفقر، واضطرار معظم السكان للحياة على ما يتلقونه من معونات معيشية من المؤسسات الدولية المختلفة. كما ادت هذه الحروب الى اضعاف النظام السياسي الفلسطيني وانقسامه والى تراجع مقدرته على المفاوضات وتحقيق انجازات سياسية.
مما سبق يمكن الوصول الى النتائج التالية:
١. يلاحظ ان الفترة الذهبية للعمل العسكري الفلسطيني ترافق مع تواجد الثورة الفلسطينية في الاردن، مما يؤكد على اهمية وضرورة توفر قاعد ارتكاز خارجية لاي عمل عسكري داخل الاراضي الفلسطينية.
٢. ان العمل العسكري الخارجي الذي تبنته الثورة الفلسطينية لفترة زمنية قصيرة، وكردة فعل على هزيمتها في الاردن، سرعان ما تراجعت عنه وأوقفته، لانه لايمكن ان يكون احد اساليب النضال الرئيسية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي لافتقاده لكل المبررات الاخلاقية والعملية.
٣. ان محاولة الثورة الفلسطينية انشاء قواعد عسكرية، وقوات شبه نظامية على اراضي الدول العربية الحدودية قد فشلت وتم انهائها على ايد الانظمة العربية واسرائيل وبمباركة دولية، مما يثبت ايضا ان هذا النهج العسكري لا يمكن ان يكون احد وسائلنا لمواصلة النضال الفلسطيني.
٤. ان العمليات التي سمتها الفصائل الاسلامية بالعمليات الاستشهادية كانت عمليات لها، في الاساس، اهدافا سياسية واعلامية داخلية. لقد اثبتت التطورات اللاحقة عدم امكانية الاستمرار بمثل هذه العمليات، لارتفاع كلفتها من خلال ما يتكبده الشعب الفلسطيني من خسائر بشرية ومادية نتيجة لردات الفعل الاسرائيلة على هذه الاعمال. وكذلك بسبب للرفض العالمي الشعبي والرسمي لمثل هذه العمليات، التي تدمغ من يقوم بها بالارهاب.
٥. ان بناء قوات نظامية داخل الاراضي المحتلة وتسليحها باسلحة ثقيلة والقصف المدفعي والصاروخي، هو الوصفة السحرية لاستدعاء الحروب الاسرائيلية المدمرة ضد الشعب ومؤسساته، والوطن وبنيته التحتية. ان الشعب الفلسطيني لا يستطيع مواصلة هذا النهج من العمل العسكري بسب موازين القوى المختلة تماما لصالح الاحتلال الاسرائيلي.
٦. انسحبت اسرائيل من قطاع غزة وفصلت نفسها عنه بسياج امني فوق الارض وتحتها، مما أدى الى صعوبة، إن لم يكن استحالة، انطلاق العمل الفدائي ضد اسرائيل من داخل القطاع. كما ان انتشار المستوطنات في الضفة الغربية، وسيطرتها على الطرق الرئيسية وتحصينها، وتكوين جيش مدرب ومسلح خاص من المستوطنين، اضافة الى قوات الاحتلال الاسرائيلي العسكرية، وتفوقها وسهولة وسرعة تحركها، والضربات الامنية الاستباقية والمتكررة للانوية الفدائية. كل هذا يشير ايضا ويؤكد صعوبة تبني الفلسطينيين في الضفة الغربية للنهج العسكري في مواجهة جيش المستوطنين الذي ان اتيحت له مثل هذه الفرصة، سيستغلها فورا من أجل ارهاب الفلسطينين والبطش بهم وترحيلهم وتهجيرهم.
ان هذا يؤكد، ليس نقصا في الرغبة أو في البسالة، وإنما تحت وطأة كل العوامل التي أشرنا إليها، بأن الوضع الاستثنائي القائم في المناطق الفلسطينية المحتلة، لا يسمح بممارسة الكفاح المسلح.
٧. ان العمل العسكري بحاجة الى امدادات لوجستية ومالية، لذلك تضطر الفصائل الفلسطينية، تحت وطأة الحاجة ولعدم توفر الحليف، عقد تحالفات مع دول اقليمية لا تتوافق معها ايدولوحيا ولا سياسيا، من أجل الحصول على هذا الدعم العسكري، هذا الدعم الذي تكون له، في الغالب، شروط سياسية تتناقض مع المصالح الفلسطينية العليا.
٨. ان الكفاح المسلح والسلاح استخدما احيانا لاهداف اعلامية ودعائية بعيدا عن مهمتهما الرئيسية، كما استخدما للهيمنة، من أجل تحقيق اهداف حزبية وسياسية داخلية بعيدا عن مواجة العدو الاسرائيلي. ان وجود السلاح وتكدسه دون استخدامه ضد العدو يؤدي الى الشعور بفائض من القوة، وينعكس باستخدام العنف تجاه المجتمع ومكوناته المدنية. كما ان وجود هذا السلاح بين أيدي مجموعات غير مسيطر عليها تنظيميا وسياسيا، يؤدي الى اشاعة حالة من العبث والفوضى والخوف في المجتمع، ويصبح "ابو جربانه" هو صاحب القول الفصل؟!
٩. ان التغيرات الجذرية التي حدثت على صعيد العالم من هزيمة الاتحاد السوفيتي، وانتهاء دور المنظومة الاشتراكية، وتغول النظام الرأسمالي العالمي، بالاضافة الى نتائج الربيع العربي وتدمير الدول العربية الرئيسية، والتهاء الدول الاخرى بمشاكلها الداخلية المتفاقمة والمتعددة. هذا اضافة الى وقوف العالم متحدا ضد العمليات الارهابية التي تقوم بها داعش داخل مختلف دول العالم. كل هذه المتغيرات الجذرية، اضافة الى تعثر عملية السلام مع اسرائيل بسبب موقف اليمين الاسرائيلي الرافض للسلام مع الفلسطينيين. كل هذه العوامل وهذا الواقع الصعب يدفع الفلسطينيين الى اعادة تقييم تجربتهم النضالية وفقا لظروفهم وامكانياتهم والواقع العربي والدولي الذي يعيشون ضمن شروطه ومتطلباته.
الخلاصة
نستخلص مما سبق ان النهج العسكري بمختلف اشكاله قد فقد امكانية وواقعية تطبيقه واستمراريته، ولا يمكن ان يكون هذا النهج، في اللحظة الراهنة والظرف الحالي، وسيلة من وسائل تحقيق الاهداف الوطنية الفلسطينية. كما ان العملية الدبلوماسية، وفقا لشروط اوسلو، قد وصلت الى نهاياتها، كما إنه من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، تحقيق اهدافنا الوطنية من خلالها، في ظل انتشار الاستيطان وابتلاعه للارض الفلسطينية، وفي ظل توجه المجتمع الاسرائيلي نحو المزيد من التطرف والعسكرة.
ان هذا لا يعني للحظة واحدة توقفنا عن مواصلة نضالنا ومقاومتنا المشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي وصولا لتحقيق اهدافنا، كما لا يعني هذا، أننا نبحث عن مبررات للاحباط والتقاعس، او اننا نعمل على بث روح الهزيمة بين ابناء شعبنا. ان هذا يعني فقط انه يجب ان نتحلى بمزيد من الواقعية والمصداقية، واختيار وسائل النضال التي تتناسب مع ظروفنا وامكانياتنا وواقعنا وصولا لتحقيق اهدافنا.
ان المقاومة الشعبية السلمية الواسعة، اضافة الى مختلف اشكال النضال السياسية والثقافية والدبلوماسبة الاخرى، هي الوسيلة الفعالة والاداة الناجحة التي تشير لها وقائع الحياة. ان اضراب الاسرى الفلسطينيين الاخير يشير بوضوح الى امكانية انتصار هذا النهج من المقاومة، هذا النهج الذي يناضل من اجل الحقوق الانسانية الاساسية وصولا الى الحقوق السياسية. هذه عملية نضالية طويلة بحاجة الى تفكير جماعي وقيادات وطنية صادقة، وحاضنة سياسية واجتماعية ممثلة في السلطة الوطنية لدعم وتعزيز صمود الناس فوق ارضهم. لهذا النوع من النضال متطلبات، من حيث القيادة والاعداد، يجب العمل على توفيرها بطريقة جماعية.
هذا النضال الشعبي السلمي سينجح في تحييد قوة اسرائيل العسكرية والتكنولوجية ويجعلها بلا قيمة ولا فائدة، وسيرغم اسرائيل على اللعب في المكان والملعب الذي ترفضه ولا تريده دائما، كما سيعري وجه اسرائيل العنصري والمتطرف والمعادي للديمقراطية والحرية وحقوق الانسان. هذا النضال هو المستقبل وهو يشير ايضا الى المستقبل.

ليست هناك تعليقات: