تاريخ الرفض الفلسطيني، موقف عدمي؟!
د. رياض عبدالكريم عواد |
يمكن تلخيص المحددات الأساسية التي حكمت تعامل الفلسطينيين، قيادة واحزابا وشعبا، مع المبادرات السياسية بثلاث محددات هي:
1. أن ما يطرح يتناقض مع حقوقنا الوطنية الأساسية ولا يلبي طموحاتنا الوطنية.
2. هذه المبادرات هي مؤامرة وخطوة على طريق إنهاء والاجهاز على ما تبقى من حقوقنا الوطنية.
3. الانتظار حتى تتغير الظروف الموضوعية والذاتية، المهم الا يسجل التاريخ على شعبنا وقيادتنا اننا وقعنا وتنازلنا عن جزء من حقوقنا الأساسية.
لسنا بحاجة إلى التأكيد على قوة معسكر الأعداء، ومؤامراته وأطماعه ومخططاته، التي تعمل على نفي وجودنا وطردنا، وإحلال المستوطنين المهاجرين من كل أصقاع الدنيا بدلا من شعبنا.
كما أن إدعاءاتنا بفهمنا للظروف الموضوعية والذاتية، وموازين القوى السائدة، في تلك اللحظة وعلى مختلف الأصعدة، لم تجد ترجمة حقيقية، وانعكاسا صادقا على خطابنا، وعلى تعاطينا مع العمل السياسي، وما يعرض من خلاله من مبادرات.
ماذا كانت نتيجة هذه السياسية، سياسة ادعاء الطهارة الوطنية والثورية والدينية، وانتظار تغيير الظروف والقادم من بعيد، كما تؤكد الحتميات الثورية والدينية، طبقا للمثل الشعبي "القوي ما ببقى قوي ولا الضعيف بيبقى ضعيف".
لن نتكلم عن الهجرة والنكبة والنكسة والنزوح والانقسام والانفصال، وما آلت إليه أوضاعنا.
لنقتصر في حديثنا عن مالت إليه أوضاع الفلسطينيين في مختلف تجمعاتهم:
في غزة ولبنان ينتظر كثير، بل كثير جدا، من الفلسطينيين ويتمنوا على العالم أن يسهل لهم سبل الهجرة إلى أي مكان في العالم؟!
وهذا قد ينطبق على الفلسطينيين في الضفة الغربية في وقت ليس ببعيد، لأسباب الكل يعرفها.
تم تهجير الفلسطينيين من العراق وجزء كبير من فلسطيني سوريا
يتم ملاحقة فلسطيني الخليج بالضرائب والرسوم والتضيقات على معيشتهم، مما يدفعهم قصرا للبحث عن الهجرة من جديد.
التجمع الفلسطيني في الاردن، وهو التجمع الاهم، رغم ما يشهده من استقرار واندماج في الحياة الأردنية، الا أن هذا لن يدوم إلى الابد، فلا يمكن السماح لهذا التجمع وبهذا العدد الكبير أن يبقى قريبا من حدود إسرائيل.
هذا مالت إليه أوضاعنا، طبعا بالتأكيد، ليس بسبب سياستنا، ولكن نتيجة لحجم وقوة عدونا والمؤامرة المفروضة علينا، لكن هذا لا يعفينا من محاولات البحث عن ما يعزز وجودنا ويقاوم المخططات التي نتعرض لها، ان لم يكن بهدف افشالها، فليكن بهدف التقليل، ما أمكن، من نتائجها وانعكاساتها السلبية على وجودنا.
ان المحددات التي يجب أن تحكم تعاطينا مع المبادرات السياسية ضمن هذا الواقع وهذه الظروف هو:
1. المحافظة على تواجد شعبنا فوق ارضه، الصمود الاستراتيجي، وزيادة هذا التواجد وهذه المساحة ما أمكن.
2. المحافظة على السلطة الوطنية، كمؤسسة مهمة حاضنة لصمودنا السياسي والاجتماعي.
أن الحجر هو الطابو، لا احد يستطيع أن ينتزعك من فوق أرضك، فبناء المؤسسات وترسيخها وتقويتها هي الطريقة الحقيقية لمواصلة وجودنا فوق أرضنا ومنع تهجيرنا.
يجب الا نخاف من أي مبادرة تطرح، مهما كانت الجهة التي تطرحها، بما فيها مبادرة ترامب وما يسمى بصفقة القرن، ونتعاطى معها وفق هذين المحددين، دون خوف من التوقيع، فلا قداسة لأي توقيع وليس هناك اسهل من الغائه، أو الخوف من التهم التي توجه من اصحاب الخطابات الثورية والدينية، ودون الركون إلى حتميات التغيير التاريخي والديني، التي قد لا تأتي مطلقا.
يجب أن نخرج من حالة الخطابة والصراخ والادعاءات والرفض العدمي، الذي شكل الجسر التي عبرت من فوقه كل المؤامرات والخطط، التي كانت مرفوضة سابقا، وأصبحت احد أهم أمنياتنا لاحقا.
يجب أن نثق بأنفسنا وقيادتنا وحقوقنا ومقدرتنا على التعاطي الصادق والواقعي وفقا لمصالحنا الآنية، ولا نخاف من اصحاب الشعارات والجمل الثورية والادعاءات الدينية.
ان مواجهة المبادرات السياسية، بما فيها صفقة القرن، والادعاء بمعرفة الظروف الموضوعية وموازين القوى السائدة، لا يمكن مواجهتها بالخطابات والشعارات، والادعاء بالطهارة والعذرية الثورية، وتسجيل المواقف التي تتفق مع ما يطلبه الجمهور، إنما بالعمل ومواجهة الواقع، والإجابة على ما يطرحه من أسئلة وصعوبات وتحديات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق